Scriptation

هذا هو أول مقال لنا عن السينما الهندية .. الواقع أنني كنت من كبار هواة السينما الهندية في طفولتي ( أوائل التسعينات ) ، وكنت مدمنًا لأفلام الأسطورة ( أميتاب باتشان ) مثل كل جيلي ، وإن لم يعلق في ذهني حاليًا سوى مارد وقمر ، ومرت السنوات ، ورويدًا رويدًا بدأت السينما الهندية تختفي من خريطة إهتماماتي وإهتمامات الغالبية العظمى من الجيل لطغيان نظيرتها الأمريكية عليها ، حتى تلاشت تمامًا – على الأقل بالنسبة لي - ، ولم أعد أتابع ما يصدرونه ولا حتى من هم أبطال الصف الأول لديهم حاليًا ( لن نعتبر Slumdog Millionaire فيلمًا هنديًا بالطبع ) .

كيف كانت عودتي إذن ؟ .. حسن ، الواقع أن كلام أصدقائي كثر عن فيلم اليوم ، خاصة وأن معظمهم مهندسون ، والكل – تقريبًا – يخبرني أن " هذا هو فيلمنا ! " ، " قصة حياتنا كمهندسين ها هي ذي أمامنا ! " ، ولأنني أكثر من يعلم ما نعانيه – كمهندسين – فقد قررت التجربة ، وقمت بتحميله ثم شاهدته .

الأفلام الهندية – كالعادة – تمتاز بطولها الضخم ، لذا فقد صعقت عندما وجدت الفيلم يقارب الثلاث ساعات ! ، فقررت مشاهدة الربع ساعة الأولى ثم أحدد بعدها إن كنت سأواصل أم لا .. وكالعادة – أيضًا – فالأفلام تبدأ وتنتهي بأغنية – هذا غير الأغاني التي تتتوسطها بالطبع - لذا فلم تمر على البداية دقائق خمس ، حتى وكانت الأغنية الأولى .. الكلام بالطبع لا أفهمه ولم تكن هناك ترجمة له للأسف ، ولكن هذه الموسيقى الحزينة ، هذه الكلمات التي لا أفقه فيها شيئًا وإن كنت متأكدًا أنها تقول أشياءًا رقيقة ، يخترقان قلبي بسهولة ويسر ، فأجد نفسي أقرر مشاهدة الثلاث ساعات كلهم ، حتى لو كانت الدقائق الأولى مملة !

يبدأ الفيلم – قبل الأغنية – بلقاء الصديقان ( راجو ) و( فارهان ) مع زميل الدراسة القديم ( شاتار ) .. منذ البداية تدرك أن ( شاتار ) أحمق ومغرور وربما يكون هو شرير الفيلم على نحو أو أخر .. ( شاتار ) يطلب لقاءهم لرؤية زميل دراسة أخر يدعى ( رانشو ) ، فيلبي الإثنان طلبه بمنتهى اللهفة ، بل ويلغي أحدهما رحلة سفره من أجل هذا .. مرة أخرى تدرك من هذه اللهفة ومن السخرية التي يتحدث بها ( شاتار ) ، أن ( رانشو ) سيكون على نقيضه تمامًا ، وسيكون هو بطل الفيلم الطيب على نحو أو أخر !

( رانشو ) كان قد إختفى – لسبب ما وبطريقة ما – عن الجميع وإنقطعت أخباره حتى عن صديقيه المقربين ( راجو ) و( فارهان ) ، لذا فنحن نعلم الآن سبب لهفتهما إلى رؤيته .. الثلاثة يذهبون في رحلة طويلة بالسيارة لمكان ( رانشو ) ، ومع الأغنية الأولى – التي تحدثنا عنها بالأعلى – نرى ( فلاش باك ) لما حدث في البداية قبل عدة سنوات .

( فارهان ) الآن شاب في بداية دراسته الجامعية ، الهندسة بالطبع .. نعلم فيما بعد أن الفتى يهوى التصوير ، لذا فمن الواضح أنه مجبر على دراسة الهندسة بسبب والديه .. الكلية داخلية ، لذا فالطلاب سيبيتون هناك أيضًا ، ويكون زميلاه في الحجرة هما ( راجو ) و( رانشو ) .. نعلم أيضًا فيما بعد أن ( راجو ) هو العائل الوحيد لأسرته الفقيرة ، التي تطمح لأن يكون ابنها مهندسًا ليحسن مستواها المادي ومن أجل إيجاد عريس لأخته الوحيدة ! .. ومثلما يحدث في العديد من الكليات العسكرية ، يحاول القدامى فرض سيطرتهم على ( الكتاكيت ) الجدد ، ويرضخ الجميع بالطبع خاصة الفتى القادم من الخارج ( شاتار ) ، ثم يظهر ( رانشو ) ليعلن تمرده على ما يحدث .

الدراسة في الكلية لم تكن كما يتوقع ( رانشو ) ، فالفتى الذكي النبيه لم يتوقع أن يهتم أساتذة الكلية بالحفظ من المقررات الدراسية الصماء أكثر من الفهم ، وهو ما كان يجعله دائم الجدال معهم وبالتالي يتم طرده من أغلب المحاضرات ، وعلى عكسه تمامًا ( شاتار ) الذي يمكنكم إعتباره ( دودة ) كتب وحفظ ! .. دعكم من أن عميد الكلية – الألذغ في كل الحروف – يكره الجميع تقريبًا ويراهم أغبياء ، ويتعامل مع الكل بقسوة مؤمنًا بمبدأ أن الدنيا سباق يربحه واحد فقط ، ويجب أن تسعى جاهدًا لكي تكون أنت هذا الواحد وإلا إفترسك الجميع ، مما يؤدي إلى إنتحار أحد الطلاب بسبب تأخيره في تسليم مشروع تخرجه .

العميد يرى الشاب ( رانشو ) خطرًا على الكلية ، خاصة وأنه يطالب بتغيير طرق التدريس العقيمة للمناهج ، فيبدأ في تحذير أهالي صديقيه ( راجو ) و( فارهان ) ومطالبتهم بإبعاد الفتى عن أبناءهما حتى لا يفشلا بسببه .. ولكن ( رانشو ) يواصل سخريته وتهوره ويذهب مع صديقيه إلى حفل زفاف ابنة العميد الكبرى ، وهناك يلتقي بابنته الصغرى المخطوبة لرجل لا يفكر إلا في الماديات ، فيسعى لنصحها بطريقته الساخرة ، قبل أن يتم طرده وصديقيه من الحفل ، بعد أن ينال إعجاب الفتاة .

وما بين الحاضر – رحلة ( راجو ) و( فارهان ) و( شاتار ) للبحث عن ( رانشو ) – والماضي – الفلاش باكس لفترة الكلية وما يحدث فيها – تستمر أحداث الفيلم .. عذرًا على الإطالة هذه المرة ، الفيلم طويل كما قلت ، وكل ما قلته لا يتجاوز ثلث الأحداث ! ، ولكنني حاولت التلخيص بقدر الإمكان وذكر أهم النقاط .

حسن ، لأكون صريحًا ، هذا الفيلم مدهش بحق ! .. هذا أصدق فيلم رأيته يتحدث عن الهندسة ومعاناة طلابها .. لم أكن أتوقع أن يروق لي فيلمًا هنديًا إلى هذا الحد .. معظم هذه الأحداث رأيتها بعيني أو سمعتها من تجارب الأخرين ، لذا عندما شاهدتها أمامي على الشاشة صحت " هذه هي حياتي بالفعل ! " .. القصة بسيطة غير معقدة ، والحوار كان سلسًا ومرحًا ، المواقف الكوميدية كانت تنتزع الضحكات عن صدق ، ويكفي أن والدي كان على وشك طردي من المنزل بسبب ضحكاتي العالية ! .. هناك مبالغات بالطبع – كعادة الأفلام الهندية – ولكنها – لو صح التعبير – غير مبالغ فيها ! .. الأغاني – التي لم أفهم منها شيئًا إلا فيما بعد – كانت رائعة ولم أمل من سمعاها بعد الفيلم عدة مرات ، بل وقمت بتحميلها أيضًا .. وأخيرًا - وأكره قول هذا - ولكنني وجدت عيناي - إحم – تدمعان في بضعة مشاهد !

نأتي للتمثيل .. هذا هو أول فيلم هندي لي منذ فترة طويلة جدًا ، ولا أعرف بالطبع أي من الموجودين حاليًا على الساحة – بإستثناء ( شارو خان ) – ولا يمكن بالطبع الحكم على ممثل من فيلم واحد ، ولكن جميع من كانوا بالفيلم كانوا رائعين بحق ، خاصة ( أمير خان ) الذي كان مدهشًا وهو يمثل وهو يرقص ، وعميد الكلية الذي كان عبقريًا في دوره .. ( كارينا كابور ) كانت جميلة جدًا ، والأغلب ستقوم ( هوليوود ) بخطفها قريبًا ! .. الإخراج كان جيدًا جدًا ، وراق لي على وجه الخصوص وأضحكتني تلك المشاهد الخاصة بعائلة ( راجو ) والتي تم تصويرها بالأبيض والأسود .. النهاية كانت متوقعة بالطبع ، ولكن هذا لا ينفي أنها كانت جميلة .

كلمة أخيرة : السادة الأباء والسيدات الأمهات : رجاء لا تفعلوا هذا بأبنائكم ، ولا تجبروهم على دراسة ما لا يرغبون .. الهندسة والطب ليسا فوق كل الكليات وليسا هما – بالتعبير العامي – ( الأملة ! ) .. يا لسعادتنا عندما يتخرج كل أبناءنا مهندسون وأطباء ، ومعظمهم لا يفقه شيئًا فيما درسه ، لأن هذا ليس حلمهم ، بل هو حلم السيد / ة الوالد / ة ! .. هذه حياتهم هم وهذا مستقبلهم هم ، فاتركوهم يفعلون ما يحبون .

تقييم الفيلم : 8/10

لتحميل الفيلم من هنا .

لتحميل أغاني الفيلم من هنا .

لمشاهدة تريلار الفيلم

لسماع إحدى أغاني الفيلم